شفق نيوز تتقصى "التلوث" في ديالى.. مياه رديئة تهدد صحة الأهالي (صور)

شفق نيوز/ لا يمكن للمارة على ضفاف نهر ديالى وسط مدينة بعقوبة استنشاق نفس الهواء الذين كانوا يستنشقونه قبل سنوات، فالروائح الكريهة المنبعثة من مياهه والحشرات تسيطر على أجواء النهر ومحيطه بسبب التلوث والمياه الآسنة الجارية فيه.

ارتفاع معدلات تلوث المياه لا يقتصر على نهر ديالى فحسب، بل يمتد إلى بقية الأنهر وفي مقدمتها خريسان الذي يعد شريان الحياة في مدينة بعقوبة ويغذي أكثر من ربع مليون نسمة من سكانها.

أسباب التلوث

وتنقسم أسباب التلوث إلى طبيعية وبشرية، فبالإضافة لقلة إطلاقات المياه في الأنهر جراء الجفاف طيلة السنوات الماضية، فإن مسؤولية التلوث تشمل الدوائر الحكومية والسكان من خلال رمي النفايات والمخلفات في المياه.

كما أن أنابيب تصريف المياه الآسنة والصرف الصحي من المؤسسات والمطاعم والأحياء السكنية وغيرها تبلغ 15 أنبوباً جميعها تصب في نهري ديالى وخريسان، وفقا لمصدر حكومي رفض الكشف عن اسمه، في حديثه لوكالة شفق نيوز.

وبحسب دراسات مديرية بيئة ديالى فإن مؤشر جودة المياه يظهر أن مياه نهر ديالى رديئة ونسب تلوثها تفوق الـ60%.

مبازل ومرضى

الباحث في الشأن البيئي يوسف سعدي، يقول لوكالة شفق نيوز، إن "مياه نهر ديالى اقتربت نوعيتها من نوعية مياه المبازل جراء الجفاف وقلة الإطلاقات المائية وانخفاض مناسيبه، فضلاً عن رمي مخلفات ونفايات فيها".

ويضيف سعدي أن "مؤشر جودة المياه في العراق تنازلي ويبدأ بالانخفاض كلما اتجهنا من الشمال إلى الجنوب للأسباب المذكورة من رمي المخلفات في المياه".

ويلفت إلى أن "قلة مناسيب الأنهر تسهم بزيادة معدلات التلوث لأن إطلاقات المياه تعالج التلوث وتنظف المياه حال كانت قوية".

ويشير إلى أن "معالجة تلوث المياه في نهري ديالى وخريسان وغيرها تتطلب إجراءات حكومية تتمثل برفع التجاوزات ومنع رمي النفايات والمخلفات في المياه ومراقبة نوعيتها وفقا لنظام صيانة الأنهر العمومية في العراق".

الصحة العالمية تتدخل

وتتفوق معدلات تلوث نهر ديالى في منطقة النهروان بين بغداد وديالى على أي منطقة أخرى، فيما أكدت وزارة البيئة خلال مؤتمر بغداد الدولي الرابع للمياه الأسبوع الماضي أن أسباب التلوث هو تصريف مخلفات مستشفى ابن الخطيب في النهر وعلى خلفية ذلك أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها ستتبنى نصب محطة معالجة مركزية هناك.

ويبين المتحدث باسم دائرة صحة ديالى فارس العزاوي، أن "تلوث المياه في الأنهر بات يخلف أضراراً جانبية ويتسبب بإصابة المئات من السكان بالأمراض لاسيما المعوية والباطنية".

ويؤكد العزاوي في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "مستشفيات المدينة تستقبل مختلف الحالات المرضية بفعل تلوث المياه بشكل دوري"، لافتاً إلى أن "على الجهات المعنية إيجاد الحلول اللازمة للحد من معدلات تلوث المياه".

مخصصات الحفاظ على الصحة

بدوره يقول الناشط في قضايا البيئة والمناخ مصطفى جبار، إن "تلوث المياه منع السكان من شربها بشكل نهائي واقتصر استخدامهم لها على أغراض الغسيل فقط وفي بعض الأحيان لا تصلح للغسيل حتى نتيجة رائحتها الكريهة وعكورتها".

ويشير جبار لوكالة شفق نيوز، إلى أن "معظم العوائل صار لديها إنفاق إضافي يثقل كاهلها لشراء مياه الشرب للحفاظ على سلامة أفرادها من الأمراض الباطنية والكلى، يضاف للكهرباء والمولدات الأهلية وغيرها وهو مصرف شراء المياه النقية".

ويؤكد أن "العائلة متوسطة الدخل والتي يبلغ عدد أفرادها أربعة أشخاص صارت تخصص قرابة 25 - 50 ألف دينار شهرياً لشراء الماء من معامل ومحطات التنقية للشرب أو الطبخ".

وفي سياق متصل، يوضح قائممقام مدينة بعقوبة عبد الله الحيالي، أن "نسب التلوث ترتفع يوماً بعد آخر في أنهر محافظة ديالى، ومن أبرز الأسباب هي تجاوزات المطاعم على نهر خريسان وتصريف مخلفاتها فيه، فضلاً عن رمي النفايات في النهر وبقية الأنهر".

ويذكر الحيالي في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "بقاء ارتفاع معدلات تلوث مياه نهر ديالى هو عدم تشغيل محطة معالجة مشروع مجاري شرق بعقوبة".

ويوضح أن "القائممقامية بحثت أسباب عدم تشغيلها مع مديرية المجاري وبينت الأخيرة أن ذلك يعود لعدم وصول ماء كافي لتشغيلها وستشرع بربط تصريف مناطق أخرى عليها لضمان عملها بشكل انسيابي".

ويدعو الحيالي إلى "ضرورة رفع التجاوزات ووضع خطة تسهم بمنع رمي النفايات في الأنهر ومحاسبة المخالفين بهدف تحسين نوعية المياه والحد من معدلات تلوثها التي باتت تمثل مخاطر تهدد صحة السكان".

وتعتمد مدينة بعقوبة على نهر خريسان كمصدر رئيس لتغذية مشاريع محطات المياه، فيما تتزود بقية المناطق بالمياه عبر نهر ديالى وجداول إروائية كالخالص والروز وغيرها.