خاص.. تفكيك لغز الاستهدافات المتكررة لحقل كورمور

خاص.. تفكيك لغز الاستهدافات المتكررة لحقل كورمور
2024-04-28T08:20:45+00:00

شفق نيوز/ تقود الهجمات المتكررة على حقل كورمور الغازي، خبراء الطاقة والأمن والمسؤولين إلى محصلة حول وجود دوافع "إقليمية" لكبح تطلعات اقليم كوردستان والعراق للدخول في سوق الغاز العالمية.

وأدى هجوم بطائرة مسيرة الجمعة على حقل كورمور للغاز في إقليم كوردستان إلى مقتل أربعة عمال يمنيين الجنسية، وتوقف إمدادات الغاز إلى محطات توليد الكهرباء لينخفض الإنتاج بنحو 2500 ميغاوات.

ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم المتكرر للمرة الثانية هذا العام، والثامنة خلال عامين.

ما اهمية حقل كورمور؟

وحقل كورمور الغازي تبلغ مساحته 135 كيلو متر مربع وهو أكبر حقل منتج للغاز الحر في العراق، ويبلغ الاحتياطي المؤكد 8.2 تريليون قدم مكعب، فيما يصل الإنتاج فيه إلى 452 مليون قدم مكعب من الغاز الجاف و15,000 برميل من المكثفات، وأكثر من 1000 طن متري من الغاز النفطي المسال يومياً.

وينتج الحقل الغاز اللازم لتوليد 4200 ميغاواط من الكهرباء يومياً، منها 2800 ميغاواط ترسل إلى إقليم كوردستان والباقي إلى محافظتي كركوك ونينوى.

هذا ما أكده الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي في تصريح ورد لوكالة شفق نيوز، حيث أضاف أن الحقل ينقل الغاز الطبيعي عبر الأنابيب إلى محطتي توليد كهرباء جمجمال وأربيل، ويوفر 67 % من كهرباء إقليم كوردستان.

وعن الجهات المستثمرة في هذا الحقل يشير المرسومي إلى أن المستثمرين الأجانب هم شركة "دانة غاز" وشركة "الهلال"، لكل واحدة منهما حصة 35%، و10% لكل واحدة من الشركات "أو إم في" و"إم أو إل" و"آر دبليو إي".

ويقول ان الرؤية المستقبلية للحقل كانت زيادة مستوى الإنتاج الى 630 مليون قدم مكعب قياسي عام 2023 ولكن العمل تأخر كثيرا لأسباب عدة أبرزها القصف المتكرر، وهو أمر دفع بالشركة الأمريكية (إكستران) إلى ترك العمل بالحقل الذي يمول جزئيا من خلال اتفاقية بقيمة 250 مليون دولار مع شركة تمويل التنمية الدولية الأميركية.

من جانبه يقول د.خالد حيدر الأكاديمي والخبير الاقتصادي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إن "عمليات الاستهداف لهذا الحقل، تقوض حصول اقليم كوردستان على احتياجاته من الغاز، مما يدفعه إلى استيرادها بالإضافة إلى الكهرباء من الدول المجاورة، وهذا ما يجعلنا نتصور ان القضية فيها تأثير إقليمي أو من دول معينة، مشيراً إلى أن الاستهداف الأخير للحقل تسبب بفقدان 2500 ميغاواط من الكهرباء وهذا مؤشر واضح على أهميته وتأثيره.

ونظراً إلى وجود خطط لدى إقليم كوردستان في مجال نقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا، فقد بدأت تحظى باهتمام دولي كبير في ظل تصاعد انعكاسات الأزمة الروسية-الأوكرانية على قطاع الطاقة في أوروبا، لذلك تسارعت الخطى نحو وضع خطة استراتيجية لإقامة خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي ينطلق بشكل أساسي من حقل كورمور ويمر بأربيل لينتهي عند مدينة دهوك، يتم بعدها ربطه بشبكة أنابيب تركية تسمح بنقله إلى دول الاتحاد الأوروبي.

ويقع هذا الحقل في قضاء جمجمال التابع لمحافظة السليمانية، التي تعد المركز الأساسي لحزب الاتحاد الوطني الكوردستاني،  وقد تعرضت هذه المنطقة لتغييرات في جغرافيتها الإدارية، حيث كانت في سبعينيات القرن الماضي ضمن محافظة كركوك، وبعد 2003 سيطرت حكومة إقليم كوردستان على المنطقة التي تقطنها غالبية كوردية.

وبعد عام 2007، نجحت حكومة إقليم كوردستان برئاسة نيجيرفان بارزاني آنذاك، في جذب مجموعة من شركات الطاقة لاستخراج الغاز الطبيعي.

ويملك كونسورتيوم اللؤلؤة، الذي يضم شركة دانة غاز الإماراتية للطاقة وشركة نفط الهلال التابعة لها، حقوق استغلال كورمور وجمجمال.

وتقول "دانة غاز" إن الإنتاج شهد قفزة كبيرة بنسبة 50% بين عامي 2018 و2021، ليصل إلى 452 مليون قدم مكعبة، بالإضافة إلى 15,000 برميل من المكثفات، وأكثر من 1000 طن متري من الغاز النفطي المسال يومياً.

كما وضع ائتلاف الشركات خطةً طموحة للقيام بأعمال الصيانة والتوسعة في خطوط معالجة الغاز الطبيعي في محطة كورمور من أجل أن يصل الإنتاج إلى 900 مليون قدم مكعبة في اليوم الواحد بحلول عام 2023 وهو ما يُعتبر نقطة تحول مهمة تُضفي مزيداً من القيمة  لهذا الحقل. 

ما علاقة زيارة السوداني لواشنطن؟

وفي هذا الإطار، يذهب القيادي في الاتحاد الوطني الكوردستاني طارق جوهر خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى الاعتقاد ان الاستهداف الاخير للحقل مرتبط بزيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للولايات المتحدة الأمريكية والاتفاقيات الخاصة بالطاقة التي أبرمت مع واشنطن.

وأضاف أن الشركات الأمريكية تريد الاستثمار بشكل أوسع بالعراق، وبخاصة في الحقل، كون غازه يعد من اجود انواع المستخدم في توليد الطاقة الكهربائية وكذلك في تشغيل السيارات والمدافئ والاستخدامات المنزلية.

ويضيف أن "الجهات التي نفذت تلك الهجمات تريد من امريكا سحب قواتها وتواجدها من العراق، وأن تسود حالة من عدم الاستقرار في مناطق استثمار الطاقة لإخافة الشركات الاستثمارية الأمريكية والاجنبية، كما حدث في مرات سابقة، بالإضافة إلى إحراج حكومة السوداني، متصلاً ذلك باستهداف أربيل سابقاً ومصادر الطاقة ككل، وبالتالي، فإن ما يحصل وحصل يتبع إلى أجندات خاصة.

وخلال الاجتماع الذي انعقد في البيت الأبيض، أشاد الرئيس بايدن بالتقدم الذي أحرزه العراق نحو الاكتفاء الذاتي من الطاقة، وناقش مع السوداني فرص التعاون المستقبلية لضمان تحقيق العراق الاكتفاء الذاتي بحلول عام 2030، بمساعدة الشركات الأمريكية.

وأكد بايدن استمرار دعم الولايات المتحدة لجهود العراق لتحديث قطاع الطاقة لديه، وتقليل انبعاثات غاز الميثان، وتحسين الصحة العامة، وتوفير الكهرباء بشكل أكثر موثوقية للشعب العراقي، واستكمال توصيلات الشبكة الكهربائية مع الدول المجاورة، بما في ذلك الجهود المستمرة لربط شبكة العراق،  مع الأردن ودول مجلس التعاون الخليجي.

وبدأت إيران تصدير الغاز إلى العراق منذ عام 2017، وبموجب العقد المبرم بين الجانبين تقوم إيران بتزويد العراق بمتوسط 25 مليون متر مكعب من الغاز يوميا.

وتمنح الإدارة الأميركية رخصة استيراد العراق للكهرباء والغاز من إيران كل ستة أشهر، وسبق أن أعلنت وزارة الكهرباء العراقية، في 27 آذار/مارس، توقيع عقد جديد لاستيراد الغاز من إيران مدته 5 سنوات، وأوضحت أن حجم واردات الغاز سيصل إلى 50 مليون متر مكعب يوميا.

لكن أعقب هذا الاتفاق، مباحثات للسوداني في واشنطن قد تقود العراق لتقليل اعتماده على الكهرباء والغاز المستوردين من إيران.

من يقف خلف الاستهدافات المتكررة؟

يقول جبار ياور الأمين العام السابق لوزارة البيشمركة في حديثه لوكالة شفق نيوز، ان الحقل ولمرات عديدة تم استهدافه بهجمات متنوعة من قبل جهات غير معلومة على الرغم من تشكيل لجان مشتركة بين حكومتي بغداد واربيل، لكن من المؤكد ان تلك المجاميع هي نفسها التي تقف ضد مصالح الاقليم وبغداد وتقف أمام استقرار الإقليم.

كما يرى عثمان زنداني عضو المجلس القيادي للحزب الشيوعي الكوردستاني في تصريح لوكالة شفق نيوز، ان الجهات التي تقف وراء استهداف الحقل وبصورة متكررة هي جهات تقف وراءها أجندة سياسية، بالرغم من عدم وضوح هوية المنفذين، لكن اذا ما اردنا ان تكون لنا قراءة سياسية للمشهد فاكيد اصابع الاتهام ستوجه لأطراف داخلية وخارجية واقليمية، وكون ان الاتهام لأي طرف او جهة او دولة يدخل بخانة القضايا القانونية والسياسية الحساسة، نذهب إلى عدم البوح بإسم تلك الجهات، لكننا نعتقد أن الأمر لا يتعدى الصراع السياسي في المنطقة والأجندة التي تريد إضعاف الإقليم.

استهداف سياسي وقصور استخباراتي

من جهته يرى الخبير الأمني سرمد البياتي في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن عدم وجود منظومة رادارات لكشف الطائرات كان سببا مهما في استهداف الحقل، مشيرا الى ان العراق اتفق مع الجانب الامريكي على تزويده ب6 منظومات لكشف الطائرات عسى ان تنهي سطوة المسيرات على هذه المناطق.

ويؤكد ان السياسة مقترنة بالاقتصاد، ولا انفكاك بينهما، خصوصا وأن الاتفاقيات التي عقدها العراق مؤخرا مع تركيا وقطر قد أزعج بعض الأطراف، وكذلك كون أن الحقل هو منتج للغاز والذي قد يتم تصديره لأوروبا وهذا ما سينعكس سلبا على بعض الدول في المنطقة وخارجها.

وبالمجمل، يدور خلاف يمتد لسنوات بين بغداد وكوردستان  حول ملف النفط والغاز، خصوصاً بعد قرار المحكمة الاتحادية الأخير، بإبطال عقود النفط والغاز التي وقّعتها حكومة إقليم كردستان مع الشركات الأجنبية.

في آيار مايو عام 2022، اتهمت شركة نفط الشمال التابعة لوزارة النفط العراقية قوات البيشمركة الكوردية بالسيطرة على مجموعة من الحقول، ومنها حقل كورمور، وقد رافق تلك الخلاف تصعيد للحملة الإعلامية التي تبنتها بعض أطراف المقربة من "الإطار التنسيقي" الشيعي، وهو ما قابله نوع من التعبئة للجمهور التركماني في كركوك. 

بعد شهر من الخلاف آنذاك، تعرض حقل كورمور إلى ثلاث هجمات صاروخية خلال أيام متقاربة.

ويرى المستشار السياسي لبرلمان كوردستان محمود خوشناو لوكالة شفق نيوز، أن "الجماعات المنفلتة التي تستهدف الحقل تنشط في مناطق الفراغ الأمني بين حدود سلطات الإقليم وحدود سلطات الحكومة الاتحادية والتي تكون محاذية للمناطق المتنازع عليها، مشيرا الى ان استهدف حقل كورمور كان من الجنوب الغربي للحقل وهي مناطق رغوة وتحتاج إلى تواجد قوات أمنية، مؤكدا ان الحكوميين اتفقنا قبل فترة على تشكيل قوات مشترك لمسك الأرض إلى أنه قرار لم يرَ النور.

ولفت إلى أن الجماعات التي تستهدف الحقول لا تنتمي لجهة محددة، بل تعمل لصالح أجندات داخلية وخارجية، وحسب ما يقتضيه الطرف الأخر.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon