الرجل الذي توقع كورونا منذ سنوات.. كيف يرى بيل غيتس مستقبل العالم؟

الرجل الذي توقع كورونا منذ سنوات.. كيف يرى بيل غيتس مستقبل العالم؟
2020-05-01T14:24:46+00:00

شفق نيوز/ أجرى عزرا كلاين، رئيس التحرير السابق لموقع «فوكس VOX» الاخباري الامريكي، مقابلة مع بيل جيتس، الملياردير العالمي الشهير، صاحب مؤسسة بيل وميليندا جيتس الخيرية، بشأن رؤيته لفيروس كورونا وما بعده، وتطرق في المقابلة لاتهام جيتس بأنه هو من أطلق الفيروس، ورأيه بشأن منظمة الصحة العالمي وتمويلها، وفرص تصنيع لقاح للفيروس.
يستهل كلاين حواره باسترجاع سؤالٍ طرحه على جيتس في عام 2015 مفاده: ما هو أكثر ما تخاف منه؟
أجاب جيتس في وقتها بالحديث عن خريطة الموت في القرن العشرين، الذي شهد طفرة في عدد الوفيات بسبب الحرب العالمية الأولى، وطفرة أخرى بسبب الحرب العالمية الثانية، لكن بينهما ظهرت طفرة كبيرة تشبه ما أفرزته الحرب العالمية الثانية، وهي جائحة الإنفلونزا الإسبانية عام 1918، التي أودت بحياة ما يقدر بنحو 65 مليون شخص. وكان خوف جيتس الأكبر هو إنفلونزا مثل هذه، تمزق عالمنا المفرط في العولمة. موّل جيتس بناء نماذج تستشرف هذا السيناريو على وجه الدقة. في غضون أيام، سيحدث التفشي في جميع المراكز الحضرية في أنحاء العالم. وفي غضون أشهر، يمكن أن يموت عشرات الملايين.
توقع جيتس هذا، وحاول تحذير العالم. نظم مؤتمرات ومقابلات إعلامية ونشر في المجلات الطبية. وقدم مقترحات للسياسة وأنفق الملايين على أبحاث اللقاحات. ولكنه فشل وجاء الفيروس، ولم نكن مستعدين. والآن نعيش جميعًا الأحداث التي تلت كابوس جيتس.
أعاد جيتس توجيه مؤسسته وخصص مئات الملايين من الدولارات لدعم الكفاح العالمي ضد فيروس كورونا. ونشر مؤخرًا مقالة طويلة توضح بالتفصيل ما نعرفه وما لا نعرفه عن الفيروس والمرض الذي يسببه، كوفيد-19، وما نحتاج إلى اختراعه ونشره للعودة إلى الوضع الطبيعي بأمان.
تحدث كلاين مع جيتس يوم الجمعة الأول من أيار لاستكشاف هذه الأسئلة، فضلا عن بعض الأسئلة الأخرى. ولكن قبل كل شيء، أراد أن يسأله عكس السؤال الذي طرحه عليه في عام 2015: ما الذي يأمله؟ وما هي رؤيته للحياة بعد الانتهاء من فيروس كورونا؟
كلاين: في 28 شباط، كتبت في مجلة «نيو إنجلاند» الطبية أن كوفيد-19 «بدأ يتصرف كثيرًا مثل العامل المسبب للمرض الذي نقلق بشأنه مرة واحدة في القرن». لقد مر شهران منذ ذلك الحين. هل ما تعلمناه منذ ذلك الحين يجعلك تشعر بالقلق أكثر أو أقل؟
جيتس: للأسف، دخل المرض في مرحلة النمو الأُسِّي في معظم أنحاء أوروبا والولايات المتحدة. ولذا فإن عدد الضحايا هناك أكبر مما كنت أتوقع. ما زلنا نتعلم كيفية إجراء الاختبارات. في الولايات المتحدة، حتى الأرقام تبالغ في تحديد المكان الذي نقف فيه؛ لأننا لا نعطي الأولوية للأشخاص المناسبين، ولا نحصل على النتائج في الوقت المناسب. لذلك فالأمور مختلطة. حقيقة أن العزلة الاجتماعية تخفض الأرقام هي أنباء طيبة، ولكن ذلك له كلفته الباهظة.
كلاين: في عام 2015، تحدثت عن نموذج أعددته وجد أن إنفلونزا شبيهة بعام 1918 يمكن أن تقتل 33 مليون شخص في العالم خلال ستة أشهر. لا يظهر أننا سنصل إلى هذا العدد من الوفيات. هل تعتقد أن ذلك يعود إلى أن الفيروس ليس مميتًا أو معديًا مثل فيروس عام 1918، أم لأننا بوصفنا مجتمعًا عالميًّا نستجيب بصورة أفضل مما توقعته النماذج؟
جيتس: نحن لا نعرف حقيقة ما الذي سيحدث في البلدان النامية، حيث يعيش معظم سكان العالم. الحالات المبلغ عنها من تلك البلدان قليلة جدًا حتى الآن. ولكن ما لم يكن هناك عاملًا سحريًا، فهناك احتمال كبير أن تحدث الغالبية العظمى من الوفيات هناك. إذ يصعب عليهم اتباع العزلة الاجتماعية والقيام بما قمنا به. لذلك أعتقد أنه من السابق لأوانه التنبؤ بعدد الوفيات النهائي.
كلاين: قبل شهر، جعلتني التغطية الصحفية قلقًا من أن البرازيل وجنوب أفريقيا على أبواب كارثة، وكذلك الهند. حتى الآن، لم يكن الأمر سيئًا. لماذا تعتقد ذلك؟
جيتس: هذا بالنسبة لي هو الأمر الأكثر غموضًا. آمل أن يكون هناك بعض الأسباب بخلاف أنهم لا يختبرون ما يكفي من الأشخاص وأن الناس يخشون السعي إلى الاختبار، أو أن الأشخاص الذين يسافرون حول العالم يجري عزلهم عن معظم السكان، لذلك فإن انتشار الفيروس إلى عامل يعيش في منطقة عشوائية قد يستغرق شهرًا إضافيًا أو شهرين. ان لديهم تركيبة عمرية أفضل، لكن لديهم المزيد من تلوث الهواء، والكثير من حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، والكثير من سوء التغذية؛ وهي أمور ترتبط بنتائج سيئة للغاية. هناك مدينة واحدة في الإكوادور تشهد نموًا هائلًا. ولذا أنا أبحث، هل لديهم مترو أنفاق في جواياكيل؟ ما هي النشاطات التي قد تؤدي للانتشار الهائل كما حدث في لندن ونيويورك؟
كلاين: ما يحيرني هو: لماذا تظهر مدينة نيويورك بالشكل الذي تبدو عليه بينما أبقت سان فرانسيسكو الأمور تحت السيطرة؟ وإذا كان الجواب مجرد تباعد اجتماعي مبكر، فلماذا لا تبدو فلوريدا، التي أغلقت بعد ذلك بوقت طويل ولديها عدد كبير من السكان المسنين أسوأ؟ الأمر نفسه مع بعض الدول النامية. أشعر أن هناك متغيرات هنا لا نراها أو لا نقيسها بشكل صحيح.
جيتس: تقتل الإنفلونزا، المتواجدة منذ مدة طويلة، 40 ألف شخص في المتوسط كل عام. والقدر الذي لا نعرفه عن الإنفلونزا مدهش. نحن لا نفهم لماذا الإنفلونزا موسمية. إنه لأمر معقد للغاية أن هناك ثلاثة أشهر تكون فيها نشطة للغاية، ثم تجد صعوبة في العثور عليها لما يقرب من تسعة أشهر، اعتمادًا على نصف الكرة الأرضية الذي تتواجد فيه. ولم تحظ الأمراض المعدية بالاهتمام الشديد الذي يحظى به السرطان أو أمراض القلب، لأنها اختفت إلى حد كبير من الدول الغنية التي تحرك الأولويات العلمية. هذا جزء كبير مما تفعله مؤسستنا، العمل على الأشياء التي تقتل معظم الناس، بما في ذلك عبء الأمراض المعدية المتبقية.
كلاين: هناك أمر أقدره في ورقتك هو أن لديك قسمًا حول ما لا نعرفه. ما هي الأشياء الكبيرة التي لا نعرفها وتتمنى لو كنا نعرفها؟
جيتس: الموسمية وتأثيرات الطقس. يظهرعلى نحو متزايد أن العدوى التي تنتشر خلف الأبواب المغلقة إلى حد كبير تمثل جزءًا كبيرًا من العدوى، وأن تواجدنا في الأماكن المغلقة مثل مترو الأنفاق يضر بنا حقًا.
هل الأشخاص الذين لا تظهر عليهم الأعراض لا يحتسبون كثيرًا في سلسلة العدوى؟ أفضل دراسة عن ذلك كانت في سنغافورة وتظهر وجود حوالي 6 بالمئة (الحالات التي أتت نقل لها الفيروس من أشخاص لا تظهر لديهم أعراض). لكن أشخاصًا آخرين أجروا دراسات بطرق مختلفة تعطي، على ما أعتقد، أعدادًا كبيرة غير واقعية. لا نعرف ما يكفي عن الاستجابة المناعية البشرية حتى الآن. هذا مهم جدًا، لأنه إذا كانت الاستجابة ضعيفة جدًا، فأنت لست محميًا من الإصابة بعدوى ثانية. لا أعتقد أن هذا محتمل. حتى ننظر إلى بلازما الدم هذه لنرى ما هو عيار الأجسام المضادة، وليس هذه الدراسة الثنائية الخاصة بالأمصال غير المفيدة، فنحن في منطقة مجهولة للغاية.
كلاين: لنعد إلى ما قلته للتو عن الاختبارات المصلية الثنائية. لقد رأينا بعضًا منها في مقاطعتي سانتا كلارا ولوس أنجلوس. إن ما وجدوه هو انتشار أعلى بكثير للمرض ومعدل فتك أقل بكثير. لماذا تعتقد أن هذه الدراسات ليست موثوقة أو مفيدة؟
جيتس: المعدل الإيجابي الكاذب في هذا الاختبار المصلي مرتفع للغاية. إنها طريقة عمل الإحصائيات. عندما يكون لديك 98 في المئة من الأشخاص غير المصابين بالتأكيد، فإن النتائج الإيجابية الكاذبة تطغى تمامًا على البيانات الحقيقية. لذا تظهر الدراسة أن الأشخاص الذين أصيبوا بالمرض تبلغ أعدادهم 10 أضعاف من ظهرت لديهم الأعراض. معظم الأشياء الأخرى – مثل سفينة دياموند برنسيس وسنغافورة، حيث يجري فحص الحمل الفيروسي – أظهرت أكثر من ضعفين إلى ثلاثة أضعاف. سيتم حل هذا الأمر، فلدينا اختبارات مصلية كمية يجري تطبيقها على مستوى السكان في حوالي خمسة بلدان مختلفة، بما في ذلك بعض الأعمال التي أمولها. لذا سنصل إلى سبر أغوار ذلك.
كلاين: لماذا تعتقد أننا نركز أكثر على التهديدات بين الدول، ونجري مناورات مسبقة لها، أكثر من التهديدات التي تأتي من الطبيعة مثل الأوبئة، التي كنا نعلم بقدومها عاجلًا أم آجلًا؟
جيتس: أعتقد أن جزءًا من السبب يعود إلى أن الأوبئة البسيطة المتواجدة في العالم لم تضرب الولايات المتحدة. إذا نظرت إلى الدول الآسيوية التي كان أداؤها جيدًا، فقد تبنى العديد منها النهج التالي: الخطوة الأولى؛ حدد جميع أجهزة «PCR»، التي تستعملها المختبرات لنسخ أجزاء صغيرة من الحمض النووي. الخطوة الثانية؛ الحصول على إمدادات لهذه الأجهزة. لكننا (في الولايات المتحدة) لم نفعل ذلك بطريقة رشيدة اليوم، برغم أن لدينا أجهزة أكثر من أي دولة أخرى قياسًا إلى عدد الأفراد. دول مثل تايوان أو كوريا الجنوبية، لأنها سبق أن أصيبت بفيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) أو بمتلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (سارس)، كان لديها القواعد الإجرائية التي ينبغي اتباعها، وشرعوا في تطبيق تلك الخطوات، ووفر لهم ذلك 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وكذلك معاناة بشرية هائلة، لأنهم تعاملوا مع أمراض الجهاز التنفسي بطريقة جادة. حقيقة أنه لم يكن هناك مرض معدٍ جديد موجود في الولايات المتحدة لفترة طويلة أعفانا من التفكير فيه بصفته أولوية. كنت أتمنى لو استطعت أن أكون أكثر نجاحًا في عمل هذه الاستثمارات مقدمًا.
كلاين: في المقالة التي كتبتها في 23 نيسان، قلت بأننا لا نحتاج فقط إلى سياسة لإعادة فتح البلاد، بل نحتاج كذلك إلى ابتكارات. ما هي هذه الابتكارات؟
جيتس: ينقسم الأمر لثلاث فئات. فهناك توسيع نطاق الاختبارات، التي إذا كان لديك مستوى هائل منها، فقد ترغب في اختبار الجميع قبل أن يذهبوا على متن سفينة سياحية أو يذهبوا إلى متنزه أو يأتون للعمل في مستودع. نحن بعيدون جدًا للغاية من ذلك. ولا يمكننا تسخير قدرتنا المحدودة لذلك؛ لأن لدينا أولويات أهم. لذا فإن الاختبار هو أول فئة كبرى. أود أن أضع تتبع الاتصال في هذه الفئة أيضًا لأنه نظام واحد للحد من العدوى. ثم، بعد ذلك، لديك العلاجات أو الأدوية. وأخيرًا، لديك اللقاح. هذه هي الفئات الثلاثة.
كلاين: برأيك، ما الذي يقف بيننا وبين نظام الاختبارات الذي تتمناه؟
جيتس: نحن نثبت لهيئة الأغذية والأدوية أن أي مسحة تنجح. يمكنك أن تأخذ المسحة لنفسك، وتضعها في كيس بلاستيكي وترسلها مرة أخرى، طالما أنها ستصل إلى الجهاز في إطار زمني معقول. لذا، لا يجب أن تكون عملية أخذ المسحة عاملًا مقيدًا. فيما يتعلق بالأجهزة الفعلية، هناك طرق لتشغيلها يمكن أن تجعلها أسرع ونحن نستكشف ذلك. لكن الأجهزة لا تستخدم بفعالية إلى الآن. حتى اليوم، نحن لا نحصي أي منها لا تزال سعتها غير مستغلة، لنتأكد من استخدامها بشكل صحيح. وهل هذا شيء فيدرالي؟ بعض الولايات لديها الكثير من أجهزة «PCR» وبعض الولايات لديها عدد قليل جدًا.
كلاين: هل هناك أدوية، غير اللقاحات، تعتقد أنها واعدة الآن ويمكن أن تكون لدينا في وقت أسرع من اللقاحات؟
جيتس: بالتأكيد. الأدوية العلاجية أسهل. إذا كان علاجك له فائدة كبيرة، يمكنك أن ترى ذلك من خلال 100 مريض فقط. لذا يمكنك استخدامه مع عدد كبير من المرضى في كل مرة. هذا يحدث الآن؛ لدينا دراسات جارية، تقوم المملكة المتحدة بعمل جيد في هذا الصدد، وألمانيا كذلك. توجد تركيبات معينة – وليس بالضرورة تلك المتداول ذكرها – تبدو واعدة للغاية. ويمكن أن تفحص دم المرضى الذين تعافوا وتجد أفضل الأجسام المضادة. ثم تستخدم إما هذا الدم مباشرة، أو تصنع تلك الأجسام المضادة. يظهر هذا الجانب أملًا إلى حد ما. لذا فنحن ننظم الأمور: من لديه أفضل الأجسام المضادة؟ من لديه هذه القدرة التصنيعية؟ نحن نحاول أن نرتب ذلك ونمضي فيه قدمًا قبل نهاية العام. نحن لا نصنع المليارات من أي لقاح. نصنع مئات الملايين، ولكن بالنسبة لتلك اللقاحات، كان لدينا عقود من الزمن للعمل على كفاءتها.
كلاين: بالنظر إلى ما تحدثنا عنه للتو، إلى أي مدى سيكون العامل المحدد هنا فيما يتعلق بالقدرة التصنيعية لسلسلة التوريد بعد ستة أشهر من الآن؟
جيتس: بالنسبة لبعض تركيبات اللقاحات هذه، من الصعب زيادة التصنيع، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها جديدة أو لمجرد أن الكيمياء معقدة للغاية. وأنت تجد نفسك أمام منظومة جديدة؛ عندما تتحدث عن صنع المليارات من اللقاح. نحن لا نصنع المليارات من أي لقاح. نصنع مئات الملايين، ولكن بالنسبة لتلك اللقاحات، كان لدينا عقود من الزمن للعمل على كفاءتها. حتى المرحلة النهائية، حين تضع اللقاح في قنينة زجاجية، وهذا زجاج خاص بمستوى المستحضرات الصيدلانية؛ يتضح أن العالم ليس لديه ما يكفي من ذلك. لذا نحن نعمل على تحقيق ذلك؛ لأن جميع طرق التطعيم تستلزم وضعه في قنينة في وقت ما. آمل أن نصل إلى نقطة التصنيع؛ لأن هذه الاستثمارات هي في معظمها مليارات لتوفير تريليونات.
كلاين: ألحظ ثقة كبيرة بظهور لقاح في نحو 18 شهرًا، برغم أننا ما زلنا لا نملك لقاحًا للإيدز، وهناك الكثير من الفيروسات التاجية التي نبحث عن تطعيم ضدها منذ الأزل. ما مدى احتمالية إعطاء اللقاح لثلاثة مليارات شخص لهذا الغرض في غضون عامين بفعالية؟
جيتس: هذا مرجح جدًا. لا أعتقد أن فيروس كورونا سيثبت أنه هدف مستحيل، ولكن لا يمكنني ضمان ذلك. هذا الهدف ليس صعبًا مثل فيروس نقص المناعة المكتسب. أي أن البروتين الشوكي لا يغير شكله كما هو الحال مع فيروس نقص المناعة. وبالنسبة لسارس، توصلنا بالفعل إلى لقاح، ولكن اختفاء المرض جعلنا لا نجري عليه تجارب المرحلة الثالثة. ولدينا مضاد للفيروسات لإيبولا. لذلك لا أعتقد أن فيروس كورونا سيثبت أنه هدف مستحيل، ولكن لا يمكنني ضمان ذلك. حتى الآن، بدأنا نرى بيانات تتعلق بالحيوانات. لذا بحلول نهاية الصيف سيكون واضحًا جدًا. وأعتقد أن أفضل 10 مركبات على الأقل ستبدو واعدة للغاية.
كلاين: أخبرني قليلًا عن مشروعك لإعداد منصات تصنيع لقاحات متنوعة مقدمًا، مع العلم أننا لسنا متأكدين بعد من نوع المنشأة التي سنحتاجها.
جيتس: حسنًا، «تحالف ابتكارات التأهب الوبائي – CEPI» هو المجموعة التي أنشأناها للقيام بالكثير من هذا العمل. ونحن نمولهم مباشرة. البعض منهم لديه نهج جديد للحمض النووي الريبي (RNA)، وواحد لديه نهج للحمض النووي الصبغي (DNA). هذه المناهج الجديدة لها مزايا معينة، لكنك لا تريد أن تراهن عليها كلية لأنك لم تصنع لقاحًا بهذه الطريقة من قبل.
كلاين: ما الذي يجعل هذه الأساليب الجديدة مختلفة؟ وما الذي يمكن أن يجعلها أفضل؟
جيتس: ما تفعله عادة هو وضع جزء من شكل الفيروس، ثم يرى جهاز المناعة ذلك، ويدرك أنه شيء غريب، ويقرر أنه يجب أن يكون جاهزًا على الفور لتصنيع الأجسام المضادة إذا رأى ذلك مرة أخرى. لذلك عادة ما تقوم بحقن جزء على الأقل من شكل الفيروس. في بعض الأحيان تضع الفيروس بأكمله، لكنه يضعف ولذلك لا يتكاثر كثيرًا. معظم اللقاحات الجديدة عبارة عن لقاحات للوحدات الفرعية، فهي لا تضع الفيروس بالكامل. أنت فقط تضع قطعة صغيرة منه؛ مثل البروتين الشوكي في حالة فيروس كورونا. بدلًا من وضع الشكل بأكمله، ما تفعله هو وضع الشفرة، أي تعليمات صنع هذا الشكل. ما عليك تصنيعه هو الحمض النووي الريبي فقط، وهو شيء ضئيل؛ لأنه فقط عبارة عن تلك الشفرات المعروفة التي تربطها معًا.
هذا هو السبب في أنه نهج واعد تتبناه هذه الشركات الجديدة: إذا نجح، فسيكون منصة للاستجابة السريعة في الأوبئة المستقبلية.
كلاين: لو كنا قد استثمرنا بكثافة في قدرة إنتاج اللقاحات على مدى السنوات الخمس أو العشر الماضية، هل تعتقد أننا كنا سنصبح في وضع مختلف اليوم؟
جيتس: بالتأكيد. سنكون قادرين على القيام بذلك في غضون عام. هناك عدد من الأشياء التي يجب أن تمارسها لكي تفهمها: من يجب أن يتقدم ويتخذ القرارات؟ أين نجمع هذه الأموال؟ كيف سيقوم المسؤولون بالمفاضلة بين إخراجها بسرعة في مقابل حيازة قاعدة بيانات أمان كبيرة؟ الأزمة وقت صعب للتفكير في كل ما هو ضروري. من الجيد ألا تكون عليك رقابة متربصة وأنت تتخذ هذه القرارات العلمية.
كلاين: يتحدث الناس، على سبيل المثال، عن تجارب «التحدي البشري» (التي يحقن فيها الأصحاء بالفيروس)؛ هل يبدو أن أيًا من ذلك ممكن بالنسبة لك؟
جيتس: في الغالب عندما يكون لديك مرض خطير مثل هذا، فمن غير الأخلاقي استخدام تجارب التحدي البشري. لذلك لا أعتقد أنه سيجري استخدامها هنا. على الورق يمنحك ذلك طريقة أسرع لمعرفة ما إذا كان اللقاح فعالًا حتى تتمكن من تقصير الجدول الزمني. ولكن من هم هؤلاء المتطوعون؟ هل هم على دراية كاملة بملابسات التجربة التي يخوضونها؟ بالنسبة للملاريا، هذا مسموح لأن لدينا أدوية علاجية بالكامل. ولكن بالنسبة لمرض السل وفيروس نقص المناعة المكتسب، فهذا غير مسموح به. وما لم يكن هناك ابتكار يمثل اختراقًا، فلا ينبغي السماح به.
كلاين: تتجه عدد من الولايات نحو فتحها مجددًا. ما مدى قلقك بشأن مشاكل ارتفاع الإصابات مرة أخرى؟
جيتس: أنا قلق للغاية حيال ذلك. ما لم تكن تدريجية للغاية وتختار الأشياء التي نعرف أنها لا ترفع معدل الإصابة، فعندئذ سيكون لديك هذا التفاوت، إذ ستعمل أجزاء من الولايات المتحدة بشكل جيد وستعمل الأجزاء الأخرى بشكل سيئ. بدون الاختبار، فإن إعادة الفتح هو في الحقيقة عمل أعمى. أكره أن أعيد مرارًا وتكرارًا هذه الأمر، ولكن أين أولويات الاختبار؟ بالنسبة لمعظم الأماكن، في أواخر شهر أيار، وأوائل شهر حزيران، ستنخفض لدينا أعداد الحالات. لذلك، إذا كنت تستخدم هذا الوقت لإصلاح عملية الاختبار، استمر في تتبع الأشخاص المخالطين للمصابين، وعندئذ ستكون إعادة الفتح منطقية. وهذا يجب ألا يكون أمرًا سياسيًا، بل علميًّا.
كلاين: هل يمكنك التحدث عن تحديد أولويات الاختبار؟ ماذا يجب أن يحدث وما الوضع الآن؟
جيتس: يمكن لبعض الأشخاص الوصول إلى الاختبار وهم ليس لديهم أعراض، في حين لا يستطيع البعض ممن يعانون من الأعراض الوصول إلى الاختبار. لذا فإن نسبة كبيرة من الاختبارات غير مفيدة. إنه ينطوي على فساد، بمعنى أنه إذا كانت لديك علاقة وثيقة مع طبيبك في المستشفى، فستصل إلى جهاز «PCR» بغض النظر عن ظروفك. وإذا لم يكن لديك هذا النوع من الصلة، حتى إذا كنت عاملًا في الرعاية الصحية، ستضطر إلى الانتظار لمدة خمسة أيام حتى تستطيع إجراء اختبارك.
كلاين: بصفتك خبيرًا في التكنولوجيا، ما رأيك في المراقبة الرقمية واسعة النطاق، باستخدام الهواتف والبلوتوث، لفرض الحجر الصحي باستخدام المعلومات الرقمية؟
جيتس: إن توصيف ذلك أمر معقد، ولكنه قد يكون مفيدًا، فهو يساعدك كي تتذكر أين ذهبت إذا سئلت عن ذلك. إذا كنت تستخدم البلوتوث فقط، فإن المسافة كبيرة جدًا، ولذا فإن النتائج الإيجابية الزائفة ستكون هائلة. يذهب بعض الأشخاص إلى أبعد من ذلك ويستخدمون صوتًا فوق سمعي لمعرفة الهواتف القريبة. لكن حتى هذا ليس مثاليًا لأن الكثير من العدوى تحدث من خلال ترك جسيم الفيروس على سطح. شخص واحد يغادر مع هاتفه، ويأتي شخص آخر بعد ساعة أو ساعتين ويلمس هذا الفيروس ويصاب. لا وجود لتقارب هواتفهم هنا. لكن النهج الألماني، الذي يتطلب قوة عاملة بشرية، يمكن أن يبلي بلاء حسنًا. طالما أن قاعدة البيانات هذه تُدار بطريقة صحيحة، فإنها لا تقتحم مشكلة الخصوصية كما تفعل بعض الأساليب الآسيوية.
كلاين: عند التفكير في ثلاث أو خمس سنوات في المستقبل، بعيدًا عن اللقاح، ماذا تأمل؟
جيتس: آمل أن يجمع هذا العالم سويًا. بعد الحرب العالمية الثانية، أنشأنا مؤسسات جديدة وتجنبنا بنجاح خوض حرب عالمية أخرى. هذا أمر استثنائي. لم نطلق سلاحًا نوويًا في صراع ما. وفعلنا ذلك بترابطنا معًا من خلال مجموعة متنوعة من المؤسسات؛ بما في ذلك منظمة الصحة العالمية. لذا كانت النتيجة إيجابية. هذا حدث مأساوي. لكنه يجب أن يقول لنا: إن هذا العلم مهم؛ فلنستخدمه لتجنب الأوبئة. لن نخرج من هذا إلى أن يتخلص منه العالم كله. وأنا أؤمن دائمًا بالتعاون العالمي، وأعتقد أن قياس الحرب العالمية الثانية ينطبق هنا.
كلاين: هل هناك مخاوف من تراجع أمريكا عن التعاون العالمي؟
جيتس: في حالة الحرب العالمية الثانية، نعلم أن ألمانيا واليابان كان لهما علاقة بالتسبب في الحرب. في هذه الحالة، لم يكن مجرد خفاش في مكان ما أكله شخص. كان يمكن أن تقول آنذاك إنها ستغير بشكل دائم المواقف تجاه الناس من اليابان أو ألمانيا. وخلال الحرب، فعلنا أشياء فظيعة نأسف بسببها. لكن هذا ولّى. كان والدي جزءًا من الاحتلال في اليابان، ولم يصدق كيف كانوا ودودين ومتعاونين. بسرعة كبيرة، ساعدناهم على البناء. كان الشعور بالمنفعة المتبادلة قويًا جدًا من خلال تلك المؤسسات.
كلاين: في أمريكا، هناك جهد لتوجيه اللوم للصين، وردت الصين بالمثل. لا يجب أن يكون هناك تعاون عالمي في مجال الصحة العامة فحسب، ولكن تعاون اقتصادي للخروج من الأزمة. ومع ذلك، هناك قادة يرون مكاسب قصيرة المدى في نوع العداء الذي سيُصَعِّب عليهم إخراج بلدهم من المشكلة.
جيتس: أعتقد في النهاية أن الولايات المتحدة ستكون حاضرة بقوة، على الرغم من أنها بالتأكيد لم تفعل ذلك حتى الآن. كان الكونجرس الأمريكي الأكثر سخاء في تمويل فيروس نقص المناعة المكتسب للعالم بأسره. وكانت إحدى أكثر الجهات سخاء في تمويل اللقاحات. ساعدت حكومة الولايات المتحدة صحة العالم أجمع. لقد كانت جزءًا كبيرًا من انخفاض الوفيات. لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستخفض مساهماتها وتبعد الكثير من الأشخاص من منظمة الصحة العالمية في منتصف أزمة كهذه.
كلاين: ناقشت الولايات المتحدة وقف تمويل منظمة الصحة العالمية، وبعض الناس محبطون من استجابتها المتأخرة، وهو ما أظنه صحيحًا. كيف ترى المنظمة؟ ولماذا من المهم مواصلة تمويلها؟
جيتس: يشبه ذلك المطالبة بفصل رجال الإطفاء لأنهم تأخروا عن حريق ما لـ20 دقيقة. نعم، يجب التحقيق في الأمر، لكن العديد من الأشخاص لم يستجيبوا بالسرعة الواجبة، وهذا ليس وقت إلقاء اللوم. تساعد منظمة الصحة العالمية جميع البلدان على فهم ما يحدث للأوبئة. ميزانيتها أقل من ألف جزء مما تنفقه الولايات المتحدة فقط على الرعاية الصحية. لذا بالنسبة للأشخاص الذين يتصورون أنه كان عليهم صنع لقاح، أقول: هذا ليس دورهم على الإطلاق. إنهم لا يموَّلون للقيام بذلك. لقد فعلوا الكثير من الأشياء الجيدة. إنها مؤسسة ضرورية. ولا أعتقد أن الولايات المتحدة ستخفض مساهماتها وتبعد الكثير من الأشخاص من منظمة الصحة العالمية في منتصف أزمة كهذه. هذا ما آمله على الأقل.
كلاين: كنا نعلم أن الوباء سيأتي في النهاية، لكننا لم نستعد له. ما هي المخاطر الأخرى التي نحتاج إلى الاستعداد لها الآن؟
جيتس: حسنا، الأمور صعبة بما فيه الكفاية. لا أريد أن أتطرق إلى موضوع الإرهاب البيولوجي، ولكن بغض النظر عن معدل وفيات هذا الفيروس، فهو ليس قريبًا من الإرهاب البيولوجي، مثلما قد يحدث في ميكروب الجدري أو أي ميكروب آخر قد يستخدم عمدًا لأعراضه المتأخرة أو معدل العدوى العالي. لحسن الحظ أيضًا، ما نحتاج إلى فعله لكي نكون جاهزين لوباء طبيعي المنشأ هو جزء مما نحتاجه لنكون جاهزين لوباء ناتج عن الإرهاب البيولوجي.
كلاين: قالت الأمم المتحدة إن الطريقة التي نربي بها الحيوانات هي الحلقة الضعيفة في سلسلة الصحة العامة العالمية. هل نحن بحاجة إلى إعادة التفكير في هذا النهج؟
جيتس: لن تستطيع أبدًا تقليل الأمراض حيوانية المنشأ – الأمراض التي تتخطى حواجز أنواع الكائنات الحية – إلى مستوى الصفر. سيكون هذا دائمًا خطرًا، ويمكننا الاستعداد له. يمكنك تقليل المخاطر قليلًا عن طريق تقليص عدد الأسواق الرطبة (تبيع المنتجات القابلة للتلف مثل اللحوم الحية والأسماك)، ولحوم الحيوانات البرية، ولكن من الصعب جدًا تطبيق هذه الإجراءات في المناطق الريفية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. إذا كان علي توقع مصدر الوباء القادم الأرجح، فسيكون هذه المنطقة.
كلاين: هل تعتقد أنه يجب أن تكون هناك مقايضة بين التباعد الاجتماعي والحفاظ على استمرار الاقتصادات في تلك البلدان مقارنة بالبلدان الأكثر ثراء؟
جيتس: بالطبع. إذا كنت تضغط بشدة بحيث لا يتمكن الناس من الوصول إلى الطعام، فسوف تخلق اضطرابات مدنية. في هذه البلدان النامية، يصعب فرض السياسات بدقة لأن قدرتك أقل. أعتقد أننا بحاجة إلى الكثير من الابتكار لوضع سياسات مناسبة للدول النامية.
كلاين: كثُرَت نظريات المؤامرة حولك: لأنك كنت تتنبأ بأمر مثل فيروس كورونا، ربما تكون قد أنشأته، لتربح منه، أو تستخدم لقاحًا للسيطرة على الناس. فلماذا قمت بإنشاء الفيروس؟ وما هو شعورك بأن تكون محور هذا النوع من نظرية المؤامرة؟
جيتس: إنه لأمر محزن حقًا. من كان يظن أنه سيتعين على شركة «ليسول» لمنتجات التنظيف توجيه الناس بعدم حقن المطهر في أجسامهم؟ بعض الناس يتصرفون بناء على هذه الأمور. تعتبر المعلومات الخاطئة أمرًا خطيرًا، خاصة في هذا النوع من الأزمات حين ترتفع رغبة الناس في تصديق الأشياء غير المعقولة.
نحن جميعًا في وضع صعب للغاية، أنا أقل من الآخرين، ولكن بوجه عام. لذلك يقول شخص ما إننا يجب علينا إلقاء اللوم على هذا البلد أو هذا الشخص، الذي يختلف عنا. هذه أمور خطيرة. لذا، يؤسفني أن أرى ذلك يحدث. لا أعتقد أنه منتشر على نطاق واسع، ولكن آمل أن يختفي.
كلاين: أي استجابة فعالة تعتمد على الثقة الاجتماعية والتضامن. يبدو أننا في لحظة تكون فيها القدرة على إفقاد الناس الثقة في المؤسسات تتجاوز القدرة على زيادتها. أشعر بالفضول حيال أفكارك بخصوص هذا الأمر.
جيتس: ارتفعت معدلات الثقة في أغلب السياسيين بشكل كبير. حين يكون السياسيون على استعداد للاعتراف بما لا يعرفونه، وإظهار أنهم يحاولون بذل قصارى جهدهم من خلال جلب الخبراء، أعتقد أنه من الرائع أن ترتفع مستويات الثقة. كان الامتثال للتباعد الاجتماعي مرتفعًا جدًا. ولكن بمرور الوقت، سوف ينفد صبر الناس، خاصة إذا كانوا يتلقون رسالة مربكة من قيادتهم. ولكن بشكل عام، يجب أن تشعر بالرضا تجاه الموقف في البلد. كنت أتوقع مزيدًا من رد الفعل الغاضب تجاه إغلاق كل هذه الأشياء. الناس يفهمون الموت والبقاء. ومعظم الأسئلة التي تطرح هي أسئلة مفهومة للغاية. للأسف، الموضوعات معقدة بما يكفي بحيث يصعب الوصول إلى ما نعرفه وما لا نعرفه إلى حد ما. لهذا السبب بذلت جهدًا لكتابة المذكرة. وبعد شهر أو شهرين من الآن، سأعرف المزيد، وربما أكتب مرة أخرى.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon