وصفة بريطانيا عاجلة للعراق لـ"تجنب ورطة المواجهة بين أمريكا وإيران"

وصفة بريطانيا عاجلة للعراق لـ"تجنب ورطة المواجهة بين أمريكا وإيران"
2019-08-19T13:04:05+00:00

شفق نيوز/ نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا للكاتبة تشولي كورنيش، تقول فيه إن العراق يجد نفسه أمام تحد كبير في المواجهة الحالية بين إيران والولايات المتحدة.
ويشير التقرير، إلى أن العراق لا يريد أن يدخل في الصراع بين حليفين مهمين له، ولا يريد أن يكون جماعة وكيلة بين جارة وحليف قوي له.
وتقول كورنيش إن القيادة العسكرية والسياسية في العراق اجتمعت في القصر الرئاسي الفاخر في بغداد لمناقشة موضوع واحد، وهو كيفية منع إيران وحليفته القوية من شن حرب ضد بعضهما.
وتلفت الصحيفة إلى أن اللقاء، الذي عقد في 19 أيار/ مايو، جاء في وقت وصل فيه التوتر ذروته بين الولايات المتحدة وإيران، حول المشروع النووي ونشاطات طهران لنشر التأثير في الشرق الأوسط، وجاء في وقت أرسلت فيه أمريكا تعزيزات عسكرية إلى منطقة الخليج، بعد تلقيها معلومات عن إمكانية تعرض المصالح الأمريكية والحلفاء للتهديد.
ويفيد التقرير بأن المسؤولين خافوا من تحول العراق، الذي يشترك مع إيران بحدود طولها 1400 كيلومتر، وفيه حوالي 5 آلاف جندي أمريكي إلى جانب سلسلة من المليشيات الشيعية الموالية لطهران، إلى ساحة للمواجهة، مشيرا إلى أن العراق عانى من نزاع طويل مع إيران وسابق على الغزو الأمريكي عام 2003، الذي أطاح بالرئيس صدام حسين، بالإضافة إلى أنه خارج للتو من حرب عمرها 4 أعوام للتخلص من تنظيم الدولة.
وتنقل الكاتبة عن الرئيس العراقي برهم صالح، قوله: "العراق هو نجاح يظهر بعد 4 عقود من النزاع.. ليست لدينا القدرة أو الطاقة أو المصادر أو الاستعداد لأن نكون مرة أخرى ضحية حرب جديدة بالوكالة"، وحذر صالح من موجة عنف جديد قد تهز الآمال ببناء البلاد، ودعا جيران العراق وحلفاءه لعدم تقويض النجاح الذي حصل عليه العراق بصعوبة، وأضاف: "نقول العراق أولا، ولا نريد تضييع استقرارنا، وعانينا بما يكفي من النزاعات".
وتستدرك الصحيفة بأن المحللين يخشون من انبعاث شرارة المواجهة من العراق؛ بسبب المليشيات التي تدعمها إيران، وهي قوية لدرجة أن قادتها كانوا من الذين حضروا اجتماع القصر، مشيرة إلى أنه تمت مقارنة صعودهم للسلطة والتأثير بصعود حزب الله، الذي أصبح القوة الرئيسية في لبنان.
وينوه التقرير إلى أن واشنطن تعاملت مع التهديد النابع من العراق بجدية، وقررت إغلاق القنصلية في البصرة، وطلبت من الموظفين غير الرئيسيين في سفارة بغداد مغادرة العراق.
وتشير الصحيفة إلى دور المليشيات المدعومة من إيران أثناء الغزو وحربها القوات الأمريكية لتعود وتتعاون معها تحت مظلة الحشد الشعبي، التي شكلت عام 2014 لمواجهة تنظيم الدولة، لافتة إلى أن هذه المليشيات، البالغ عدد عناصرها 100 ألف شخص، أصبحت قانونية في عام 2016، وحصل قادتها على تأثير سياسي في انتخابات العام الماضي، وتم التصويت لصالح أشخاص تعدهم أمريكا إرهابيين ودخلوا البرلمان.
ويجد التقرير أنه في الوقت الذي أثنى فيه الكثيرون على دور الحشد بمنع مقاتلي تنظيم الدولة من الوصول إلى بغداد، إلا أن زيادة سلطتهم السياسية والاقتصادية منذ عام 2018 حولتهم لتحد خطير تواجهه الدولة العراقية، مشيرا إلى قول وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن الجماعات الشيعية التي تدعمها إيران "تهدد سيادة العراق".
وتكشف كورنيش عن أن عددا من المشاركين في لقاء القصر فضلوا طهران على واشنطن، وقال مسؤول إن إيران شعرت بالإحباط من حيادية العراق التي تم التأكيد عليها في ذلك اللقاء، وبعد ساعات وصلت قذيفة كاتيوشا على المنطقة الخضراء، التي تعد مقرا للسفارة الأمريكية والمؤسسات الحكومية، وكان الهجوم واحدا من هجمات لم يعلن أحد مسؤوليته عنه، وترافق مع عمليات تخريب لناقلات نفط في منطقة الخليج، فيما ربط بومبيو الهجمات بإيران، إلا أن احدا لم يعلن مسؤوليته عن هجمات غير متقنة لم تتسبب بخسائر بشرية.
وتورد الصحيفة نقلا عن ماريا فانتابي، من مجموعة الأزمات الدولية، قولها: "كانت طريقة لفحص حدود الصبر الأمريكي"، وأضافت أن الطرف الذي قام بها كان يعلم بأن خطوط إدارة ترامب هي وقوع ضحايا.
وبحسب التقرير، فإن قلق أمريكا كان واضحا قبل أسبوعين من لقاء القصر، حيث ألغى بومبيو لقاء له مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، وسافر على عجل إلى بغداد لتأكيد القلق الأمريكي من الجماعات الشيعية، مشيرا إلى أن واشنطن لم تحدد طبيعة الخطر.
وتنقل الكاتبة عن مستشار الحكومة العراقية لشؤون مكافحة الإرهاب هشام الهاشمي، قوله إن المخابرات الأمريكية "لديها تحيز تريد إثباته"، إلا أن مسؤولا عراقيا مخضرما تحدث عن "التهديدات القبيحة" من مليشيات شيعية ضد منشآت أمريكية، بما فيها شركات نفط ومواقع دبلوماسية، وبأن قادة عسكريين إيرانيين التقوا مع قادة المليشيات العراقية.
وتبين الصحيفة أن ما زاد في المخاوف من قيام جماعة مارقة بدفع العراق للدخول في مواجهة بين إيران والولايات المتحدة هو الصاروخ الذي أصاب منشأة نفطية سعودية في ينبع، وتحمل الحوثيون في اليمن مسؤوليته، لتقول أمريكا إن جماعة عراقية هي المسؤولة عنه.
ويستدرك التقرير بأن مسؤولا عراقيا قال إن الخطر الذي تتحدث عنه أمريكا نابع من كتائب حزب الله، التي يبلغ عدد عناصرها 10 آلاف مقاتل، وصنفتها واشنطن جماعة إرهابية، إلا أن المسؤول العراقي شكك في التقييم الأمريكي، وقال: "بحسب معلوماتنا فقد أعطى الإيرانيون الأوامر لهذه الجماعات بعدم الضرب".
وتذكر كورنيش أن السفير الأمريكي في العراق حتى كانون الثاني/ يناير دوغلاس سيليمان، عبر في تصريحات لموقع "لوفير" عن خشيته من قيام جماعة لا تخضع لسيطرة إيران بعملية تتسبب بخسائر بين الأمريكيين لتصنع لنفسها اسما، وبأنها هي التي طردت الأمريكيين.
وتلفت الصحيفة إلى أن منطقة الخليج شهدت توترا هذا الصيف، خاصة بعد إسقاط الإيرانيين طائرة أمريكية مسيرة، وردت واشنطن بالتحضير لضربة انتقامية أوقفها ترامب قبل عشر دقائق، مشيرة إلى أن مخاوف العراقيين لم تتلاش بعد إحباط الهجوم، خاصة أن ترامب قال قبل أشهر أثناء زيارة له للقوات الأمريكية في العراق، إن بلاده تستخدمه لمراقبة التصرفات الإيرانية.
ويورد التقرير نقلا عن صالح، قوله: "معضلة العراق هي أن الولايات المتحدة حليف مهم له.. وإيران هي حليف مهم"، فهو يمثل منطقة تجارية مهمة لإيران، وهناك علاقات اجتماعية ودينية، ويتدفق كل عام ملايين الحجاج الإيرانيين على العراق.
وترى الكاتبة أن من المفارقة أن الإطاحة بصدام حسين منحت إيران فرصة لتوسيع تأثيرها الإقليمي، وسيطر على الحكم منذ عام 2003 المنفيون العراقيون الذي لجأوا إلى إيران، حيث تم تحضير أحزابهم وقادتهم هناك، لافتة إلى أن نصف المقاعد البرلمانية يحتلها نواب لديهم ولاءات واضحة لإيران والمليشيات التي تدعمها.
وتنقل الصحيفة عن المتشددين في الإدارة الأمريكية، قولهم إن تأثير إيران على الحكومة والجماعات الوكيلة عنها حول العراق إلى دويلة تابعة، مشيرة إلى أن نوري المالكي، الذي حكم العراق لمدة 8 أعوام، يرفض هذه المزاعم، وقال إنه صافح الأمريكيين، وعقد صفقات معهم، واستفاد في الوقت ذاته من إيران.
ويجد التقرير أن تأثير الأخيرة القوي على العراق يعني أنه لو قررت الإدارة الضغط على الحكومة فيه فإن المعتدلين فيها سيميلون نحو إيران، وقال المالكي، الذي أجبرته إدارة باراك أوباما على التنحي عام 2014: "سياسة القوائم السوداء والعقوبات والحصار والتهديد بالحرب لن تؤدي إلا إلى زيادة أعداء أمريكا".
وتستدرك كورنيش بأن شخصيات مثل هادي العامري، الذي يقود منظمة بدر، وعاش سنوات في إيران قبل عودته إلى العراق، واتهم بإدارة فرق الموت، ويدافع عن إيران بشكل مطلق، يثير المخاوف، مشيرة إلى أنه مدح دور إيران في الحملة ضد تنظيم الدولة، ووصف قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، بـ"صديقنا وليس عدونا".
وتفيد الصحيفة بأنه مع ذلك، فإن البعض يرى أن استبدال العامري الزي العسكري بالبدلة، وتبنيه خطابا قوميا وشعار "العراق أولا"، قد يجعله الشخص الذي يمكن للولايات المتحدة التحدث معه، وإضعاف التأثير الإيراني والخطاب الطائفي السني- الشيعي، الذي أعاق الوحدة الوطنية، وجعل العراق عرضة للتدخلات الخارجية.
وينوه التقرير إلى أن الكثيرين فسروا العقوبات التي فرضت على قادة عراقيين بذريعة الفساد على أنها محاولة أمريكية لاستهداف الشخصيات المرتبطة بإيران، خاصة أن هذه الشخصيات، كالعامري، دفعت باتجاه خروج المستشارين الأمريكيين للجيش العراقي، مشيرا إلى أن هذا لم يمنع العامري من لقاء المسؤولين الأمريكيين، لكنه لا يزال ناقدا لما يراه موقفا متهورا للإدارة الأمريكية من إيران، ويقول إن موقف إيران أكثر حكمة بألف مرة من موقف أمريكا.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن قادة العراق يريدون التركيز على مشكلاته الداخلية النابعة من زيادة السكان المتسارعة، وحاجة البلاد إلى المؤسسات التعليمية، ومع ذلك يشعر ساسة عراقيون أن أمريكا وإيران لا تسعيان للحرب، لكنها قد تحدث بالخطأ، كما يقول وزير الخارجية العراقي السابق هوشيار زيباري.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon