العراق يعاني نقصاً بالهواء النقي.. العواصف الغبارية ظاهرة جوية تهدد صحة العراقيين

العراق يعاني نقصاً بالهواء النقي.. العواصف الغبارية ظاهرة جوية تهدد صحة العراقيين
2024-04-15T20:33:05+00:00

شفق نيوز/ تؤكد الأنواء الجوية العراقية أن تشكّل العواصف الغبارية سوف يتكرر خلال موسم الصيف الحالي، ما ينذر بمخاطر صحية كثيرة تهدد المواطنين، وسط دعوات باتخاذ التدابير الوقائية اللازمة للتقليل من آثارها السلبية على جسم الإنسان.

وتأثرت مناطق واسعة من العراق بضمنها العاصمة بغداد أمس الأحد، بعاصفة ترابية ناجمة عن ما يسمى بالفوارق الحرارية، أو الكتل الباردة التي تؤثر أحياناً، وتسبب بتصاعد الغبار، وفق مدير إعلام هيئة الأنواء الجوية العراقية، عامر الجابري.

ويوضح الجابري خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "تصاعد الغبار يوم أمس في بغداد لم يصل إلى مستوى العاصفة الترابية، ومن المتوقع أن تتكرر هذه الحالة في المنطقة الجنوبية اليوم، كما هناك فرصة لتساقط زخات مطر ليلاً في أماكن متفرقة من البلاد".

ويضيف، أن "البلاد دخلت في مرحلة جديدة من الحالة الجوية فمن المتوقع حدوث عواصف ترابية، وستكون للأنواء الجوية تقارير استباقية تحذر منها، ومن المتوقع حصول تصاعد للغبار خلال الأيام المقبلة".

ويشير الجابري، إلى أن "العراق لم يشهد في العام السابق تكرار عواصف ترابية فقط ما كان في الشهر الثامن في تلكيف وبغداد، حيث حصل تصاعد غبار كثيف في حينها".

من جهته يوضح الراصد الجوي، أحمد التميمي، أن "الموجات الغبارية عادة ما تنشئ مع تغيير الفصول، ولم يتبقَ لفصل الربيع سوى أيام ومن ثم يأتي الصيف، لذلك تحصل تقلبات سريعة من عواصف ترابية وتكونات سريعة مطرية وأجواء شديدة الحرارة نهاراً ومعتدلة خلال المساء، وهذه تستمر إلى حين استقرار المنظومة على الأجواء الحارة".

ويتابع التميمي حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "موجة الغبار الحالية تعتبر أول موجة لهذا الموسم، لكن يلاحظ تراجع موجات الغبار خلال الفترة الأخيرة بسبب الأمطار، إذ عادة ما تُقلل الأمطار من حدوث العواصف ومن شدتها".

أضرار الغبار والوقاية منه

عادة ما يشهد العراق حدوث عواصف ترابية ما ينتج عنها الكثير من المخاطر على المجاري التنفسية والعينين، وقد ترفع من احتمالية الإصابة بأمراض القلب بحسب بعض الدراسات، وقد تؤدي أيضاً إلى حصول حوادث مرورية، وفق إستشاري طب الأسرة، الدكتور علي أبو طحين.

ويؤكد أبو طحين، في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "الفئات الأكثر خطورة هم من لديهم مشاكل مثل الربو والحساسية وكبار السن والأطفال، لذلك ينبغي على هؤلاء تجنب الخروج من المنزل قدر الإمكان أثناء العواصف الترابية إلا في الحالات الضرورية، وتحصين النوافذ ومداخل البيوت، ووضع الكمامة أو قطعة قماش مبللة على الأنف والوجه، وإذا ما حصل أي ضيق في التنفس يجب مراجعة المؤسسات الصحية".

بدورها تؤكد منتهى كاظم المالكي، دكتوراه تمريض الأم والتوليد، أن "هناك أضراراً عدة للغبار على الجهاز التنفسي، حيث يتم استنشاق الجسيمات الدقيقة أو المعروفة بالغبار القابل للاستنشاق بسهولة عبر الأنف والبلعوم، حيث يتراكم في الرئتين مما قد يسبب مشاكل تنفسية خطيرة".

وتضيف المالكي خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، أن "استنشاق الغبار قد يؤدي إلى الالتهاب، لأنه يحتوي على الميكروبات والتي تؤثر على التهاب الأنف التحسسي ما يسبب العطاس والسيلان والسعال وصعوبة في التنفس، إضافة إلى الصداع الناجم عن احتقان الجيوب الأنفية". 

وتتابع حديثها، "وقد يتعرض الفرد لخطر الإصابة بالربو إذا كان مصاب بالربو سواء كان مزمن أو وراثي، خاصة مع وجود أنواع محددة من الغبار مثل الطحين والخشب والأصباغ التفاعلية التي قد تسبب نوبات مستمرة من السعال".

أحد أسباب سرطان الرئة

ومن الأعراض التي تظهر عند استنشاق أو وصول الغبار للجسم عن طريق الجهاز التنفسي هو السعال والصفير وضيق في الصدر - بحسب الدكتورة المالكي - وقد يؤدي تراكم الغبار في الرئتين إلى التهاب رئوي والتعرض للسُحار السيليسيّ، وقد يتطور هذا الوضع إلى حالات خطيرة وقد تكون إحدى أسباب سرطان الرئة.

وتوضح، "وقد يؤدي تراكم الغبار في الرئتين إلى أمراض تهدد الحياة، لأن الجهاز التنفسي هو الجهاز المسؤول عن أخذ الأوكسجين واستنشاقه لإنعاش جميع أعضاء الجسم عن طريق الأوكسجين الذي ينتقل بالدم".

ومن أضرار الغبار الأخرى هو ما يحصل على الجلد، "إذ تتراكم جزيئات الغبار على الجلد مسببة العديد من التفاعلات منها الحساسية في الجلد، مثل الحكة والتقشير والاحمرار والجفاف وغيرها، وأن بعض أنوع الغبار تحتوي على مواد كيميائية مسرطنة قد تؤدي إلى نتائج خطيرة على الصحة"، وفق الدكتورة المالكي.

أما العينين، فهي قد تتعرض أيضاً لكميات كبيرة من الغبار، وقد ينتج عنها - بحسب الدكتورة المالكي - آثار غير مريحة منها الحكة المصاحبة للزيادة في إنتاج الدموع، وهذا يؤدي إلى حساسية داخل العينين من حكة وتهيج ويتحول لون العين إلى الاحمرار وخروج إفرازات غير طبيعية نتيجة الالتهابات، فقد يحفز الغبار التهاب الملتحمة التحسسية التي تتميز بالسيلان والحكة والاحمرار داخل العين.

وتشير إلى أن "الغبار قد يكون سبباً في نقل بعض الأمراض المعدية، ومن الأمراض الانتقالية التهاب السحايا ومرض حمى الوادي وفيروس الانفلونزا".

وعند فهم دور الغبار في نقل الأمراض تبرز أهمية اتخاذ التدابير الوقائية منه، أولها إصدار الأنواء الجوية تحذيراً إذا كانت الرياح تحمل الغبار لاعطاء المجال للمواطنين لمواجهتها عبر اتباع إجراءات معينة، وفق الدكتورة المالكي.

وتبيّن، "أما الجلد فيمكن تغطية الوجه بوشاح من خلال لبس كمامة أثناء الخروج للحد من التعرض المباشر، وغسل الوجه بانتظام عند التصاق الغبار به، باستخدام غسول مناسب للحفاظ على نظافة البشرة، بالإضافة إلى شرب كميات كافية من المياه لمساعدة الجسم على التخلص من السموم والحفاظ على نضارة البشرة، وتغطية البشرة بشكل صحي كواقي لتقليل التلف الناتج عن الغبار والتلوث البيئي". 

"أما وقاية داخل العينين، فينبغي تفادي فرك العينين لتجنب الحكة وخدش القرنية، بل غسل العينين بالماء النظيف للتخلص من الغبار العالق بهما، أو مراجعة الطبيب لتنظيف العينين في حال دخول الأتربة إلى داخلها"، تقول الدكتورة المالكي.

وتدعو الدكتورة إلى ضرورة "تجنب الجهد المطول في المناطق الترابية الشديدة، وارتداء القناع أو الكمامة عند العمل في المناطق ذا الغبار الكثيف، والابتعاد عن المسطحات المائية وأماكن السباحة المفتوحة، لتجنب دقائق الغبار المتراكمة على المياه".

وتشير الدكتورة في الختام إلى أن "هذه الأعراض قد تصيب كل الفئات والمراحل العمرية، لكن الأكثر تأثراً بها هم أصحاب المناعة الضعيفة من الأطفال والحوامل والأشخاص المصابين بكرون دزيز التي تعتبر من الأمراض المزمنة".

العراق بالمرتبة قبل الأخيرة بالهواء النقي

جدير بالذكر أن تقريراً أمريكياً أفاد في آذار الماضي، أن العراق جاء بالمرتبة قبل الأخيرة في ترتيب الدول بالهواء النقي، فيما حلّت أيسلندا بالمرتبة الأولى.

ومع استمرار تفاقم أزمة المناخ، تعمل البلدان التي تتمتع بسمعة طيبة في الهواء النظيف بسرعة على تحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050. ومع ذلك، فإن هذا الهدف الطموح سيتطلب استثمارات كبيرة في مصادر الطاقة المتجددة وهو معقد بسبب عوامل مختلفة.

وتشير مجلة ceoworld الأمريكية في تقرير لها اطلعت عليه وكالة شفق نيوز، الى تباينات كبيرة في مستويات تلوث الهواء بين البلدان حيث يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم المشكلة.

ووفقا للتقرير، تفتخر أيسلندا بأن لديها أنظف هواء في العالم، من بين 100 دولة تم إدراجها بالجدول حيث يبلغ تركيز PM2.5 3.4 ميكروغرام لكل متر مكعب وعلى العكس من ذلك، وجد أن تشاد لديها الهواء الأكثر تلوثًا، حيث تصل تركيزات PM2.5 إلى 89.7.

وجاء ترتيب الدول الأوروبية على النحو الآتي أيسلندا (1)، إستونيا (6)، فنلندا (7)، أندورا (8)، والسويد (9).

وعلى الطرف الآخر من الطيف، فإن تشاد لديها أسوأ نوعية هواء، حيث سجلت 89.7 ميكروغرام لكل متر مكعب ، تلاها العراق حيث سجل 80.1 ميكروغرام لكل متر مكعب ومن ثم باكستان، والبحرين، وبنغلاديش، على التوالي.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon